ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل

حتى و الى وقت قريب لا أؤمن بالمتغيرات .. واصدق الثوابت جداً . وكان وزنى دائماً 70 كجم

وضغط الدم 80/120 هكذا على مدار سنوات حتى إننى من تكرار الكشف الروتينى على نفسى مللت تلك اللعبة ..

الى أن جائت أيام كنت أشعر بعصبية بعض الشيء و صداع مع أى تركيز أو  عمل روتينى ..وكنت أشعر بأن دماغى محشور داخل علبة فولاذية و كنت أعلل ذلك لكثرة الإرهاق و السهر و العمل المتواصل ..

ورأت الممرضة إننى تغيرت فقالت لى هل أنت متأكد من ضغط الدم .قلت لها أبدا هذا شيء مفروغ منه وقلبى وشرايينى تعمل بكفائة مثل الساعة السويسرية . ولكنها أصرت أن تجرى لى قياس لضغطى و أمام إصرارها و إلحاحها ويبدو من خوفها من عصبيتى المتزايدة واقفت و أسلمتها ذراعى وانا أنظر لها
بتحدى وهى تنظر لى بتوجس ..

كانت القراءة مخيبة لظنونى وآمالى .. فقد ارتفع الموشر الى 100/160  وجزت الممرضة على شفتيها لا أدرى من نشوة الانتصار أو من الغيظ .. فقالت لى .. ألم أقل لك ؟!!! مرات عديدة و أنت تكابر وتتصلف .. قلت لها دعينا نكمل التشخيص بقياسة عدة مرات فى خلال يومين ..لو استقر هكذا سوف أكمل باقى التحليلات ..

للأسف كانت النتائج كلها إيجابية – الإيجابى بالمعنى الطبى ليس شيء جيد مثل الواقع و لكنه يعنى أن التشخيص أو الشكوك صحيحه .. ( سلبى يعنى لا شيء )

الطموح كلمة لها تفسيرات كثيرة .. والطموح نسبى ..طموح أن تمتلك حذاء رياضى أو طموح أن تمتلك العالم كله .. قد يكون الطموح فوق العادى هو اللذى يرهق كاهل الإنسان فأنت تشعر بأنك

لست أو يجب أن لا تكون إنسان عادى و أقصد أن تعيش من اجل أن يكون لك حياة تشبة حياة الملايين حولك . أنت تريد أن تكون متفرد فى كل شيء .. وخصوصاً لو لديك القدرات .. ولديك الصبر

قد تنجح كثير .. وقد تسقط .. ولكن إذا سقطت فلا تهوى على الأرض مثل مركز التجارة العالمى و تتكسر .. لكن عليك أن تتداعى و تهتز فقط مثل البيوت اليابانية المعدة للزلازل ..

انا لم أسقط أبداً بل تداعيت كثيراً وأرتجت كل طوابقى ونوافذى ولكن لم أتهشم أبداً

لم أقل إننى أحب السقوط لانه يعلمنا ..إننى أكرهه لأننى عانيت منه ولكن لم أشتكى لأى أحد عندما أتداعى للسقوط و لم أعلل ولم أندب حظى .. ولكننى كنت أجز على شفتاى وأقسم بأننى سوف أتحدى ..

قد يكون السقوط فى العمل أو الدراسة أو الحب ..أو فى عمل تمارسه كل يوم ..قد يكون السقوط فى محيط الأسرة ..أو الأصدقاء .. قد يكون السقوط فى الوطن ..فى الحرية ..

السقوط هو السقوط ..هو الإنحدار من أعلى الى الأسفل بسرعة مباغته دون أن تجد شيء تتمسك يداك به ..

هناك فقط تجد نفسك تدعو و انت تسقط ..تتمنى أن تسقط ولكن لا تموت ..لأن الموت ينهى كل شيء ولا يترك له فرصة للمحاولات ..

عندما أكون فى قمة التألق و النجاح لا شك إننى أتذكر كل الحفر اللتى تعثرت بها .. و أتذكر السقوط و أتذكر الصعود أيضاً ..

فى عام 2008 كتبت قصاصة ورقية ووضعتها فى خانة أعلى حاسوبى بجوار فاز صغير للزهور كتبت عليها " ما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ " لا زالت حتى الان أمامى .. وكلما حاولت أو حاول احد أن يزلها أتمسك بها أكثر .. إننى أحب تلك القصاصة جداً .. أننى كنت أعانى وقت إن كتبتها .. والان أحبها كثير لأنها تذكرنى بالإنتصار الان ..

إننى أنتصرت على اليأس .. و مزقته بسيف الأمل والتحدى ..

وها أنا الان أتنفس أوكسجين الحرية القادم من نافذتى رقيق عليل مثل قبلة حبيبتى

,.-~*'¨¯¨'*·~RainBow.-~*'¨¯¨'*·~-