2011/02/07

الطوفان



جاء طوفانُ نوحْ   
!
المدينةُ تغْرقُ شيئاً.. فشيئاً
تفرُّ العصافيرُ,
والماءُ يعلو.
على دَرَجاتِ البيوتِ
- الحوانيتِ -
- مَبْنى البريدِ -

- البنوكِ -
- التماثيلِ (أجدادِنا الخالدين) -
- المعابدِ -
- أجْوِلةِ القَمْح -
- مستشفياتِ الولادةِ -
- بوابةِ السِّجنِ -
- دارِ الولايةِ -
أروقةِ الثّكناتِ الحَصينهْ.
العصافيرُ تجلو..
رويداً..
رويدا..
ويطفو الإوز على الماء,
يطفو الأثاثُ..
ولُعبةُ طفل..
وشَهقةُ أمٍ حَزينه
الصَّبايا يُلوّحن فوقَ السُطوحْ!
جاءَ طوفانُ نوحْ.
هاهمُ "الحكماءُ" يفرّونَ نحوَ السَّفينهْ
المغنونَ- سائس خيل الأمير- المرابونَ- قاضى القضاةِ
(.. ومملوكُهُ!) -
حاملُ السيفُ - راقصةُ المعبدِ
(ابتهجَت عندما انتشلتْ شعرَها المُسْتعارْ)
- جباةُ الضرائبِ - مستوردو شَحناتِ السّلاحِ -
عشيقُ الأميرةِ في سمْتِه الأنثوي الصَّبوحْ!
جاءَ طوفان نوحْ.
ها همُ الجُبناءُ يفرّون نحو السَّفينهْ.
بينما كُنتُ..
كانَ شبابُ المدينةْ
يلجمونَ جوادَ المياه الجَمُوحْ
ينقلونَ المِياهَ على الكَتفين.
ويستبقونَ الزمنْ
يبتنونَ سُدود الحجارةِ
عَلَّهم يُنقذونَ مِهادَ الصِّبا والحضاره
علَّهم يُنقذونَ.. الوطنْ!
.. صاحَ بي سيدُ الفُلكِ - قبل حُلولِ
السَّكينهْ:
"انجِ من بلدٍ.. لمْ تعدْ فيهِ روحْ!"
قلتُ:
طوبى لمن طعِموا خُبزه..
في الزمانِ الحسنْ
وأداروا له الظَّهرَ
يوم المِحَن!
ولنا المجدُ - نحنُ الذينَ وقَفْنا
(وقد طَمسَ اللهُ أسماءنا!)
نتحدى الدَّمارَ..
ونأوي الى جبلٍِ لا يموت
(يسمونَه الشَّعب!)
نأبي الفرارَ..
ونأبي النُزوحْ!
كان قلبي الذي نَسجتْه الجروحْ
كان قَلبي الذي لَعنتْه الشُروحْ
يرقدُ - الآن - فوقَ بقايا المدينه
وردةً من عَطنْ
هادئاً..
بعد أن قالَ "لا" للسفينهْ

و أحب الوطن
"
أمل دنقل 

16 comments:

أمال الصالحي يقول...

انتقاء رائع جدا، وقصيدة منظومة بشكل رائع تحكي وجع الوطن

بوركت على هذا النقل المميز

rainbow يقول...

أمال
شكراً لك .. ماذا عسانا أن نعمل
أحس بفرح و ضيق ..
عيوننا على كل مكان بوطننا الكبير

نتمنى أن تدور العجله و تدور أسرع
واسرع فى كل مكان ..

صباحك إشراقه

رشيد أمديون يقول...

أمل دنقل يا شاعرا أحس بمعانات الشعوب عندما يأتي الطوفان ...
الذي أعجبني كثيرا في القصيدة أنه يصور أخر مشهد من مشاهد السقوط، ومشهد الهروب من الوطن، والشعب كالجبل الذي يأوي إليه من يريد البقاء.

جميلة اختياراتك وبديعة جدا، أشكرك عليها كثيرا.

أمال يقول...

كلمات منتقية بعناية
اختيار في وقته تماما
اشكرك على اختيارك
تحياتي

Inspired يقول...

السلام عليكم ورحمة الله،
وكأن الصيدة تحكي عن حالنا الآن في الوطن العربي وخصوصا جدة

Inspired

mallouk يقول...

اللهم عجل من عندك بنصر عزير يارب
اللهم انصر المستضعفين في كل مكان
هذا ما يمكننا فعله
الدعاء
تحيتي ومودتي

تــركــي الــغــامــدي يقول...

اختيار موفق ... وفي كتابات الرواد الكثير من الدروس التي تثري ملكات المستجدين في النثر والشعر والكتابات الأدبية المختلفة ... وبالتوفيق دوماً

صفحات مُلطخّة بحروفي يقول...

فلسلفة عميقة تولد عند نهاية كُل سطر ..
انتقاء مُمتاز =)

كاتب الأنثى يقول...

مرحبا

امل قندل من يحتوي الاوطان بقلمة

اختيار موفق

كن بخير
:
عبدالله

rainbow يقول...

أبو حسام الدين

"
وهذا ما حصل اليوم بمصر

الطوفان

أمل دنقل شاعر له حس وطنى شفاف

تحياتى لك

rainbow يقول...

أميرة الأمل

"
شكراً لك

هذا بعض ما عندكم

تحياتى لك

rainbow يقول...

Inspired

"
الطوفان هو الطوفان
سواء مياه مثل جدة تغرق الناس
أو طوفان مثل طوفان الشعوب عندما
تسيل فى الشوارع عندما تحس بالقهر
لك تحياتى

rainbow يقول...

mallouk

"
اللهم أنصر جميع المقهورين فى الأرض


تحياتى لك

rainbow يقول...

تركى الغامدى

"
نعم هم لنا نبراساً نهتدى بحكمتهم

لك تحياتى وودى عزيزى

rainbow يقول...

صفحات مُلطخّة بحروفي

"
شكرا لك

تعجبنى أشعار دنقل

بها واقعية و تخاطب أطياف المجتمع
المختلفة
ويحب وطنه العربى كله


تحيااتى لك

rainbow يقول...

كاتب الأنثى

أهلاً بك أخى عبدالله

أمل دنقل شاعر شفاف و عنده
إحساس بالظروف اللتى يمر بها الوطن
العربى من المحيط للخليج

أنا سعيد إنها حازت إعجابك