في بيتي عصفورين جميلين، حبيسا قفص من أشهر خلت..
عصفوران - على ضعفهما وقلة حيلتهما - رأيت منهما ما أبهج نفسي وأثار عجبي.. رأيت منهما عطفا وحنواً.. سعياً وعملاً.. سنداً وتحملاً للمسؤولية.
أعترف أني وقفت لشهور طويلة تلميذةً مجتهدةً في مدرسة عصافيري العذبة الممتعة !!
كنت أدوام بشكل يومي عند القفص، أتأمل تصرفاتهما، وأفهم منهما دروساً عجز بعض من بني البشر أن يفهموها، بل إنهم قد عجزوا أن يصوغونها في كتب الحياة!
ثم وفي يوم من الأيام أحببت أن أدلل عصفوريّ، فجعلت في القفص أرجوحة صغيرة، لها شكل الحلقة، علقتها أعلاه، فإذا ما أتى الليل، باتت الأنثى الرقيقة داخل الأرجوحة الجميلة، أما الذكر فكان يعلو الحلقة وينام فوقها !! وهكذا كل ليلة ولأيام طويــــــــــــلة !!
مما جعلني أسأل نفسي:
ترى هل كان يخاف على أنثاه، هل كان يحرسها، فاتخذ لنفسه مكاناً يعلوها ويعلو القفص ليراقب ويرصد كل صغيرة وكبيرة ؟؟
أليس الله – سبحانه – قد خَلَقَ الْخَلْقَ فقدَّر لكلٍ مهمةً ودوراً في الحياة؟
فسبحان من ألهم عصفورنا الشهم النبيل حفظ الأنثى كائنةً من تكون، وصيانة حماه من أي أذىً أو سوءٍ.
وخطر ببالي أن أفسر تصرفه هذا: بأنه قد يكون قد تقدم إليها خاطبا، فالعلماء يؤكدون أن هناك برتوكولات تقوم بين الطيور تسبق التزواج يتم بها القبول أو الرفض من طرف الأنثى ... فلعل عصفورنا النبيل أن يثبت لها حسن نواياه، فأشعرها بأنها يحبها ويفديها بنفسه، وأنه حصن وسند لها؟
أتراها تقبل بــه؟؟
وهكذا ...وددت أن تعم الأفراح بينهما وأسمع زقزق صغار العصافير تملأ المكان، فأدخلتُ عُشاً خشبياً صغيراً أنيقاً داخل القفص، بيضاوي الشكل، وله فتحة صغيرة تناسب مقاس عصفوري الصغير ..
في بداية الأمر لم يألفاه، وكأنه كائن غريب اقتحم المكان، ولكن ومع مرور الأيام بدأت الأنثى تدخل إليه وتمضي فيه الليل وبعض أوقات النهار. وأما الذكر فلم يدخله على الإطلاق، بل بقي على عادته يجلس دوما فوق سقف العش يصونها ويحرسها ويخاف عليها..
وبقيا على هذا الحال شهرا كاملا، حتى حل العيد وغمرت البهجة عصفورنا المحب الصابر، إذ سمحت له عصفورتنا الدلوعة بالدخول والمبيت ليلاً معاً، أما النهار فالعش لراحتها هي، هي فقط !!
تعجبت من تصرفهما!! فترى لماذا أذنت له بالدخول بعد شهر من الانتظار؟ هل كانا يعيشان فترة خطوبة وتفكير واختيار؟
أم أنها كانت تختبر صدق حبه، فصبر فنال؟
أتراها لما وثقت به، أخبرته عن احترامها له وقبولها به، فأعلنا معا الحب الأزلي والميثاق المتين، فقررا أن يبدأ معا مشوار الحياة؟
أعتقد أنهما فعلا قد تزاوجا، فمع الأيام بدأت ألاحظ منهما وداً وحناناً رائعين، فكلما جلسا على العود الخشبي الذي يتوسط القفص، التحما وتلاصقا وكأنهما كيانٌ واحد، وتأخذ الأنثى موضعا منخفضاً قليلاً وتميل بجسدها بوداعة على الذكر الذي يعلوها قليلاً بجلسته، ويفرد جناحه ليطوقها ويحيطها، فيدفئها بعطفه أو ربما يحميها بقوته..
وتمتع عصفورنا بيقظة شديدة، فعند أي همسٍ أو اقترابٍ من القفص، كان يشق عينه ليرى هل الأمن مستتب، أم أن هناك من سيخترق سكينة عشهما الرائع!
ثم رأيت أجمل ما رأيت، رأيت بيضتين صغيرتين داخل العش.. وبدأ مشوار العمر الجميل.
أليس هذا هو الحب العفيف لطريق الاستقامة ؟
أليس هذا هو القانون الطبيعي لكل بيت زوجي ؟
فإذا كان الله قد علّم الطير، وقدر له أن تكون حياته حسب هذا النظام المتوازن، فما الذي يحبه الله ويريده منا نحن بني البشر؟
لو ترون عصافيري إنهما آية من آيات الله !! فلكم أحاطها برعايته فتدللت عليه ووهبته حنانها!
ولكم حرسها فنامت مطمئنة وكانت عينه لا تنام خوفاً على سَكَنَ بيته!
ولكم دغدغ بمنقاره رقبتها وبادلته بالمزيد والمزيد!
لو ترون كيف كانت تُقَدْمْهُ للطعام قبل نفسها!! إذ كانت تقف جانباً وتنتظر، فإذا ما شبع بدأت تأكل .. أهو الاحترام، أم انه الأدب، أم أنه الفداء لزوج يستحق الفـــداء ؟
هل نتعلم هذا الجمال ونسقطه واقعاً متحركاً في بيوتنا ؟
وإلى متى نبخل بعواطفنا و نكبتها ونقلل من شأنها؟
فيا أيها الزوج .. أشبع عاطفة زوجتك، صنها واحرسها وضعها داخل عينيك.
واسعَ سيدي.. وانطلقْ واكدحْ بسواعد طاهرةٍ متوضئةٍ، والتقطْ الرَّزق الحلال، فإذا ما غدوت إلى بيتك مساءً انثره على أهلك حباً وسعادة.
أيتها الزوجة .. أعدي من الحب أطباقاً وكؤوساً مترعات، واجعلي من الجمال رداءً تتبخترين فيه وتتدللين به..
وكافحي - سيدتي - داخل عشك وافرشيه بالدفء والحنان، فهناك زوج كريم يستحق حبك وحبيب يحتاج إليك.
...............
أليست مدرسة العصافير من أهم مدارس الحياة.. فبادروا بالانتساب إليها فالنجاح فيها أكيــــــــــــد . ــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم : ديانا عزت الغبره
20/11/2008
10 comments:
.~ يسعد صباحكـ
يااااهـ احلى ماقرأتهـ في هالساعهـ
قمهـ الروقان =)
\\
أليست مدرسة العصافير من أهم مدارس الحياة.. فبادروا بالانتساب إليها فالنجاح فيها أكيــــــــــــد
::
سأنتسبـ إليها بلاشكـ ^_*
تحياتي لكـ
إحساس أنثى
الله يسعدك اكثر و أكثر
نعم أؤيدك
كلنا يجب أن ننتسب اليها
مدرسة جميلة
أرأيت كيف أن الطيور تعلمنا ؟
إنه قمة الوفاء و نسيان الذات
دمتى بود و سعادة
قوس قزح
""
""
إحساس مفعم بالحيويه إندمج بشرايني أوردتنا القلبيه
كلام رائع نثرته لنا
خالطته مشاعر دفينه تروي حروفه
لقلبك الصادق ولمشاعرك الجميله ولإحساسك المرهف
جزيل الشكر والتقدير
سبحـــــــان الله...
يا لروعة الطبيعة ..
كلمات في قمة الروعة والرقي..
إطلالة برونق فريد وجذاب..
أعجبني ما قرأت جدًا..
ولا عدمنا روعة هالكلمات..
لا يسعني الكتابة أكثر من ذلك..
فقط اعذرني..
^^
دام صباحك ومساك بكل الخير..
يسعد لنا أيامكـ ..
وآآآو سبحان الله العظيم .. من جد الطيور وفية ..
على الأقل تقدر تمنح الحب والوفاء اللي عجز عن منحه بعض الناس ..
:(
أخي رينبو
دمت محلق رائع كما الطيور ..
:)
llosh,
"
أنا سعيد إنها راقت لك
إنه الوفاء و الحب الفطرى
من غير خداع ولا تزييف
لينا نتعلم المثابرة من النحل
و التنظيم من النمل
والحب و الوفاء من الطير
"
:)
للوش
أشكرك من قلبى لتعليقك الحلو
:
دمتى دائماً قريبة
أحاسيس طفل
"
::
أهلاً وسهلاً بك نجمة أضائت مجرة مدونتى
:
مرورك هنا أشاع البهجة لحروفى
:
:)
لو نظرت فى الطبيعة سوف تتعلمين كل يوم شيء جديد
فالله سبحانه أودع سرة فى أضعف و ارق مخلوقاته
إنها درس لبنى الإنسان يا عزيزتى
دمتى دائماً قريبه
ولك وردة " تحية "
صديقي الغالي قوس
::
بدايه اعتذر عن تاخري :)
ومن جد مدرسه رائعه جميل ان نجد رجل
في مثل حب وقوة عصفورك الشهم
وجميل اكثر لو وجدنا امراءه تصون
حبها وتسعد زوجها
اشكرك يـ قوس من جد حكم وفوائد
وجدتها هنا
فعلا مدرسة
اشكرك ودمت متألق
/
\
برنسيسة / طيوبى
نعم إنها عبرة لنا يا بنى الإنسان
وكم ضرب الله لنا أمثالاً كثيرة على الطير و النمل و الحيوان وغيرهه
و لو قرأتى كتاب كليلة و دمنة لإبن المقفع لرأيت الحكمة و العقل و الإخلاص وما العيب إلا فيتا يا بنو الإنسان حين أن الله ميزنا بالعقل على غيرنا من المخلوقات
"
برنسيسة
"
لابد أن تنضمى الى مدرسة الطيور
"
دمت بود و محبة
الغالية دائماً خرشات
"
:)
أرأيت كم هذا الكم من الود ؟
أرأيت الرضا و القتاعة بما قسم الله ؟
لا بد أن نتعلم من الطير و نتبصر و نقيس على أنفسنا
"
أنا متأكد أن عصفورتك الحنونة سوف تقوم بنفس الواجب
أنضمى الى مدرسة العصاقير ( مدرسة الحب الصادق
"
دمتى لنا دائماً قريبة منا
ولك وردة حمراء
إرسال تعليق